نوفا-
تسلط التصريحات القاسية المتزايدة لرئيس وزراء الحكومة الموازية ومقرها برقة، فتحي باشاغا، الضوء على الصعوبات المتزايدة للسلطة التنفيذية غير المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، حسبما أفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
في خطاباته العامة، يستخدم وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني نغمات قاسية على نحو متزايد، لاعبًا في كثير من الأحيان على وتر الدفاع عن “السيادة” و”المواطن الليبي” في محاولة لاستعادة التوافق الداخلي بعد فشل البعض، بدءاً بمقال كتبه باشاغا في صحيفة “التايمز” البريطانية في مايو الماضي بعنوان “ليبيا إلى جانب المملكة المتحدة ضد العدوان الروسي”، حيث أثار النص جدلًا لا سيما في شرق ليبيا الذي يسيطر عليه حفتر، الذي اشتهر بالاعتماد على دعم المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر، لكن قبل كل شيء، مع المحاولة الفاشلة لدخول طرابلس بالقوة في 27 أغسطس، فقد باشاغا الكثير من مصداقيته.
ربما كانت محاولة الانقلاب، التي انتهت بخسائر مأساوية بلغت 32 قتيلاً و 159 جريحًا، أدنى نقطة في مسيرة الرجل القوي السابق من مصراتة. كما هاجم باشاغا مؤخرًا تسليم عميل المخابرات الليبي السابق أبو عقيلة محمد مسعود خير المريمي إلى الولايات المتحدة، المشتبه به في صنع القنبلة التي دمرت رحلة بان آم 103 فوق مدينة لوكربي، اسكتلندا، في عام 1988.
رئيس الوزراء الليبي المعين من قبل البرلمان يتحدث عن عمل “غير قانوني وغير مقبول”، لكن مذكرة توقيف الانتربول علقت فوق رأس مسعود.
وقال باشاغا، في منشور على فيسبوك إن تسليم مواطن ليبي إلى جهة أجنبية، إنها “عملية خطيرة حدثت خارج النظام القضائي ولا يمكن مقارنتها بالعملية التي حدثت في عهد القذافي”، معتبرا ما حدث “خطف غير مقبول ينتهك كرامة الليبيين وسيادة البلاد”، التصريحات التي ربما تحصل على عدد قليل من “الإعجابات” على فيسبوك، لكنها أبعدت باشاغا عن فلك واشنطن، التي لم ترحب بالفعل بغمزات السياسيين الشرقيين تجاه روسيا.
ومنذ أشهر، انقسمت ليبيا بين تحالفين سياسيين وعسكريين متنافسين، حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، معترف بها من قبل المجتمع الدولي ومدعومة من تركيا؛ وحكومة الاستقرار الوطني بقيادة باشاغا، وهي في الواقع سلطة تنفيذية موازية مقرها في برقة، التي كانت مدعومة، في البداية، من قبل مصر وروسيا ولكن اليوم على ما يبدو فقدت ذلك.
بالأمس، انتقد باشاغا شركة إيني، الشركة الدولية الوحيدة التي لم تغادر البلاد (ولا حتى أثناء الحرب)، والتي بالإضافة إلى ذلك تضمن بشكل فعال مصدر الدخل الوحيد للبلاد، علاوة على أسعار النفط في الأسواق الدولية عالية جدًا، وهي على وشك استثمار عدة عشرات من المليارات من الدولارات في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
في منشور على تويتر، أراد باشاغا إرسال “رسالة إلى قيادة إيني مفادها: “لقد أصبحنا على دراية بحقيقة أنك بدأت مناقشات مع القيادة غير الشرعية الحالية للمؤسسة الوطنية للنفط ومع حكومة الوحدة الوطنية السابقة، التي انتهت ولايتها في ديسمبر الماضي. وكان الهدف من المناقشات التي عقدت داخل المجلس الأعلى الليبي لشؤون الطاقة بدعوة من رئيس الوزراء المعترف به الدبيبة *تعديل حصص الأسهم في المناطق البحرية الليبية، بما يضر بشكل خطير بالمصالح السيادية لليبيا وشعبها*”، على حد قول باشاغا، الذي طالب “بالتوقف الفوري عن تنفيذ هذه الإجراءات التي من شأنها الإضرار بالعلاقات المشتركة والتاريخية بين ليبيا وإيطاليا”.
هناك أكثر. وحذر رئيس الجهاز التنفيذي في شرق البلاد من أن “من يتنازل عن حقوق الليبيين ويستغل وطننا العظيم في لحظة صعبة سيكون مسؤولا قانونيا وأخلاقيا”.
وأضاف باشاغا، في بيان نقلته الصحافة الليبية، أن “استغلال ما يسمى بالمجلس الأعلى الليبي لشؤون الطاقة لعقد اتفاقيات مشبوهة دون دراسة جدوى ومعرفة فوائدها للدولة الليبية سيكون له عواقب وخيمة على الجميع”، محذرا “الشركاء الأجانب من التعامل الانتهازي مع مصادر الدخل الليبي من خلال استغلال الانقسام السياسي”.
عند الفحص الدقيق، يبدو أن تصريح باشاغا، الذي تجاهلته إيني تمامًا، يستند إلى خطاب أرسله وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، إلى رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، حيث اتهم عون، في رسالته، المؤسسة الوطنية للنفط “بانتهاك القرارات والقوانين المنظمة للموضوع” لقيامها “ببدء مفاوضات حول الموضوع دون إذن بقرار من مجلس الوزراء”.
وجدير بالذكر أن عون تم استبعاده لبعض الوقت من عصبة صنع القرار في قطاع الطاقة في ليبيا، لدرجة أنه خلال الاتفاقيات المهمة الأخيرة الموقعة مع تركيا، لم يكن الوزير عون حاضراً حتى في طرابلس.
وبحسب عون، “لا داعي لإعادة التفاوض على شروط” الاتفاقات مع إيني، متهماً الشركة الإيطالية بالرغبة في “الاستفادة من الظروف الهشة التي تمر بها ليبيا”، ما يفتح “سابقة سلبية تفتح الباب أمام الباب أمام شركات النفط الأخرى لطلب نفس الإجراء، الأمر الذي سيؤدي إلى فقدان النموذج التعاقدي الليبي للاستقرار والاستمرارية”.
وبحسب موقع “صدى” الإخباري الليبي الذي يتخذ من طرابلس مقراً له، فقد طلبت شركة إيني الإيطالية من السلطات الليبية تعديل بعض البنود المهمة المتعلقة بمجمع الغاز البحري NC41، الذي يقع على بُعد 140 كيلومتراً شمال غرب طرابلس وحقل الغاز البري.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة النفط ضعفت بشكل كبير مع إنشاء المجلس الأعلى الليبي لشؤون الطاقة برئاسة رئيس الوزراء الدبيبة نفسه، لذلك من المعقول الاعتقاد بأن عون نفسه هو من سرب الرسالة للصحافة في محاولة للتأثير على المفاوضات الجارية.
وبالبحث الدقيق، تبين أن هذه علامة خطيرة على ضعف من غير المحتمل أن يكون لها تأثير في المفاوضات، حيث من الطبيعي أن تكون هناك خلافات بين الأطراف، ففي الأيام الأخيرة، ناقش المجلس الأعلى الليبي لشؤون الطاقة بالفعل التعاون في قطاع الهيدروكربونات مع شركة إيني الإيطالية، لا سيما فيما يتعلق بمناطق الاستكشاف A و B و E.
وأوضح بيان صحفي صادر عن الحكومة أن الاجتماع بحث أيضا ملف الطاقة المتجددة، والمقترحات والتوصيات الخاصة التي سترفع إلى مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات بهذا الشأن. كما تم تخصيص مساحة لاستراتيجية تطوير إنتاج المؤسسة الوطنية للنفط، والتي بقدر ما يتعلق الأمر بالنفط مستقرة عند 1.2 مليون برميل من النفط مع احتمال الوصول إلى مستويات ما قبل عام 2011 البالغة 1.6 مليون برميل من النفط في الأشهر القادمة.