كشف رئيس مجلس إدارة مشروع السكك الحديدية، المهندس “سعيد الكيلاني” أن مشروع السكك الحديدية الإستراتيجي والهام في ليبيا واجه ولا يزال يواجه الكثير من العقبات والعوائق على المستويات المالية والفنية والوجستيكية والأمنية ، ناهيك عن التعديات من قبل المواطنين على مسارات الخطوط والمسارات والمحطات الخاصة بهذا المشروع بعد 2011.
وأوضح الكيلاني في مقابلة مع وكالة الأنباء الليبية أن عدم تخصيص ميزانية للمشروع منذ 2011 في إطار ميزانية التحول فاقم من المشاكل التي يعاني منها المشروع على مستوى التنفيذ إلى جانب تعرض الخطوط للتلف متوجها عبر منبر وكالة الأنباء الليبية بنداء عاجل إلى مجلس الوزراء للاهتمام بمشروع السكك الحديدية وتخصيص الميزانية اللازمة لاستئناف عمليات التنفيذ.
ولاحظ في إطار الحديث عن المشاكل التي تعرض لها المشروع أن عدم وجود جهاز أمني لحماية المشروع جعله عرضة للسرقة والتعديات، مؤكدا أن كافة آليات ومعدات المشروع وكافة محطات الشركة المقامة قد سُرقت ونُهبت.
ودعا “الكيلاني” في هذا الصدد إلى ضرورة تكليف جهاز لحماية المشروع أو إنشاء جهز خاص لحماية مشروع السكك في ليبيا.. مشيدا في سياق متصل بمجهودات النائب العام والأجهزة الضبطية على ما بذلوه من جهود للسيطرة على التعديات التي طالت مسارات مشروع السكك الحديدية ، مشيرا إلى قرار تكليف غرفة عمليات متكونه من جهاز إنفاذ القانون والشرطة الزراعية والحرس البلدي تقوم حاليا بإزالة كل العوائق والتعديات على المسار وتوجه بالشكر إلى القائمين والعاملين على هذه الأجهزة.
وأكد أن السلطات المختصة قامت بنزع ملكية الأراضي الخاصة بالمشروع منذ عام 2003 وبالتالي فإن هذا القرار سينفد مهما طال الزمن وسيتم إزالة كافة العوائق لتنفيذ مشروع السكة الحديدية.
وأوضح أن عمليات إزالة العوائق ووقف التعديات على المشروع الحديدي انطلقت الآن في مصراته وسرت والخمس وبنغازي وبعدها ستنتقل إلى المنطقة الغربية والجنوب لإزالة كل التعديات التي تمت بعد قرار إنشاء المشروع ، مؤكدا أن الممتلكات التي سيتم إزالتها وتعود إلى ما قبل قرار إنشاء السكك الحديدية سيتم التعويض عنها .
وردا عن سؤال حول عودة الشركات الأجنبية لتنفيذ هذا المشروع أوضح رئيس مجلس الإدارة أن مشروع السكك الحديدية أنشئ سنة 2003 حيث تم البدء في التأسيس للبنية التحتية واستجلاب الشركات الأجنبية من خلال توقيع عقود معها وبدأت عمليات التنفيذ التي تتراوح نسبتها اليوم ما بين 15 و20 و 30 في المائة في مختلف بلديات ليبيا ، إلا أن كل شيء توقف نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد عام 2011 وتم قفل المواقع وغادرت الشركات وتعرضت مقراتها ومعداتها للسرقة والنهب ما ألقى بهذا المشروع في المجهول .
ودعا “الكيلاني” مجلس الوزراء إلى ضرورة تسريع صدور الإذن بعودة الشركات الأجنبية والتواصل معها ودعوتها للعودة والتفاوض ، مؤكدا أن معظم الشركات تسلمت دفعات مقدمة قبل أن ترحل فيما توقف المشروع بالكامل ، غير أنه أوضح أنه بالرغم من ذلك بدأ المسئولون في المشروع بزيارة بعض الشركات ومراجعة الاتفاقيات بهدف استئناف الأعمال.
واستطرد في سرده للعوائق أن الجهاز يعاني من نقص الآليات نتيجة تعرضها جميعها للسرقة ، مؤكدا أن الجهاز يحتاج للعودة للعمل في البنية التحتية على مستوى ليبيا ، إلا انه يعاني من قلة الامكانيات والسيارات والأجهزة وهي من بين العوائق ناهيك عن النقص الحاد في مصروفات الباب الثاني في الميزانية الذي يشتمل على الصيانة وتكاليف التواصل مع الشركات المنفذة .
وحول العقود التي سبق إبرامها مع الشركات الأجنبية أوضح “الكيلاني” أن الجهاز تعاقد مع الشركة الصينية التي ستنفذ خط رأس اجدير سرت، وخط مصراته الهيشة سبها بمبلغ أربع مليار ومئاتي مليون ، كما تعاقد مع الشركة الروسية لتنفيذ خط سرت بنغازي بطول 454 كم بقيمة أربع مليار ومائة وخمسة وخمسين مليون، وتعاقد مع الشركة الايطالية لبناء منظومة الاتصالات من رأس اجدير الى سرت والهيشة سبها بمبلغ تسع مائة وخمسة وخمسين مليون ، علاوة على التعاقد مع بعض المكاتب الاستشارية للإشراف على التنفيذ بالتعاون مع مهندسين ليبيين يشرفون على قيادة هذا المشروع منذ حوالي 30 عاما .
وأشار إلى جاهزية بعض الخطوط والمحطات منها محطة الخمس من الميناء إلى محطة الخمس بطول 15 كلم قائلا “لدينا قطار يتم تشغيله على هذا الخط من حين إلى آخر حتى نثبت لليبيين أن مشروع السكة الحديدية قائم ويُشرف عليه مهندسون ليبيون أكفاء.
وفي رده على سؤال حول الكوادر البشرية المحلية التي يضمها الجهاز، قال “الكيلاني” إن المشروع يعمل به حاليا 1200 عنصر من المهندسين الليبيين والإداريين والسائقين والاستشاريين ، مبينا أن سيتم إضافة كوادر ليبية جديدة عند استئناف عملية التنفيذ.
وبخصوص التأثيرات البيئية المحتملة للمشروع وكيفية التعامل معها قال إنه لا يوجد أية تأثيرات حاليا ، وإذا صادفتنا أية تأثيرات في المستقبل سيتم التعامل معها ، مبينا أنه على الرغم من أن المشروع الحديدي لم يبدأ تنفيذه فعليا حتى الآن ومع ذلك بدأنا في تنشيط التعاقدات السابقة مع النهر ومع الغاز ومع الكهرباء ونعمل كذلك على التعامل مع أي انقطاع في إمدادات الطاقة إذا حدثت مستقبلا.
وعن المدة المتوقعة لإنجاز المشروع، أشار المهندس “سعيد الكيلاني” إلى أن استكمال هذا المشروع الإستراتيجي مرتبط بالتمويل والميزانية مع إدراكنا أن ليبيا تمر بمرحلة صعبة وظروف استثنائية.
وأوضح أنه يتوقع استئناف العمل قريبا خاصة على ضوء إطلاق مجلس الوزراء برنامج عودة الحياة للمشاريع الإستراتيجية الذي سيشمل بكل تأكيد مشروع السكك الحديدية، مشيرا إلى إمكانية استكمال المشروع في فترة ما بين 5 إلى 10 سنوات من عودة الشركات بعد التفاوض معها.
واستطرد أن التنفيذ لن يأخذ فترة طويلة وهو يعتمد بالأساس على قدرة الشركات المنفذة والميزانية المرصودة ، ملاحظا أن الخطوط في حكم الجاهزة غير أننا لازلنا نعاني من مشكلة التصميم في خط بنغازي طبرق وتحدثنا في الخصوص مع عميد بلدية بنغازي وشكلنا لجانا مشتركة لإعادة تصميم هذا الخط.
وأعرب الكيلاني عن أمله في دخول شركات أو دول كمستثمرين في بعض الخطوط ، مبينا أن الاستثمار سيسرع عملية إنجاز المشروع.. وقال نتمنى دخول الاستثمار لهذا المشروع لو نجد شركات ودول تستثمر بعض الخطوط يمكن ان تستثمر وتنفذها وتستثمرها كم سنه وتعود لليبيا هذا برنامج جيد ومشجع لتنفيذ المشروع.
وحول أهداف هذا المشروع قال “الكيلاني” إن الهدف من هذا المشروع الاستراتيجي هو بناء شبكة خطوط حديدية متطورة تغطي التراب الليبي ويتم ربطها بدول الجوار ودول العالم ويتم تنفيذه وتشغيله بسواعد ليبية تمتلك الخبرة والكفاءة بالتعاون مع شركات أجنبية في التنفيذ.
وأضاف أن طول شبكة السكك الحديدية الليبية يبلغ حوالي 3170 كيلومتر على مستوى ليبيا تربط بين المدن الليبية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب تبدأ من رأس جدير غربا إلى مساعد شرقا بطول 2178 كيلومتر، ومن مصراته الهيشة إلى سبها بطول 992 كيلو متر .
وبين في ذات السياق أن طول الخطوط الحديدية من رأس جدير إلى سرت ستبلغ 616 كيلومتر، ومصراتة الهيشة سبها 796 كيلومتر، وسرت بنغازي 554 كيلومتر، وبنغازي طبرق 450 كيلومتر وطبرق امساعد 144 كيلومتر.
وأضاف أن هذا المشروع يكتسي أهمية كبرى حيث سيربط كل مدن ليبيا ببعض ويربط ليبيا بدول الجوار والعالم الخارجي وستكون ليبيا بوابة عبور بين أفريقيا وأوروبا بعد أن تربط السكة الحديدية ليبيا بالدول الحبيسة جنوب الصحراء- النيجر، تشاد، مالي – التي لا تتوفر على منافذ بحرية ، مؤكدا أن هذا المشروع الكبير سيكون ثاني مشروع على مستوى الدخل في ليبيا بعد النفط.
وحول أهمية هذا المشروع قال “الكيلاني” إن النقل الحديدي يقلل من الحوادث على الطرقات ويحافظ على سلامة الطرق من النقل الثقيل ويوفر أسعارا تنافسية مقارنة بالنقل البري بواسطة شاحنات النقل الثقيل ناهيك عن الحد من الازدحام على الطرقات ويقلل من التلوث البيئي الناتج عن عوادم سيارات النقل الثقيل في إطار إستراتيجية الحكومة للوصول إلى بيئة نظيفة.
وأكد أن النقل الحديدي سيدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية من خلال الاستفادة من المواد الخام التي تتوفر عليها ليبيا في الجنوب حيث سيتم نقلها إلى الموانئ في الشمال قبل تصديرها إلى الخارج وتعود بالفائدة على الليبيين كافة.
وأختتم رئيس مجلس إدارة مشروع السكك الحديدية المقابلة مع (وال) بتوجيه رسالتين الأولى دعوة المواطنين إلى الابتعاد عن المسار الخاص بالسكة الحديدية ودعم الجهاز في تنفيذ هذا المشروع الذي سيعود بالفائدة على كافة الليبيين ، والثانية إلى مجلس الوزراء للتعاون مع الجهاز في تنفيذ هذا المشروع الإستراتيجي ، معربا عن الأمل في أن يكون في خطة الحكومة هذا العام حتى يتمكن الجهاز من التفاوض على عودة الشركات المنفذة وعودة الكوادر الليبية إلى العمل.