صراع على النفوذ لا علاقة له باستعادة هيبة الدولة
بقلم: عزالدين عقيل
رئيس حزب الائتلاف الجمهوري
هزت اشتباكات عنيفة معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس أرجاء البلاد، لتُعيد إلى الواجهة أزمة السلاح المنفلت والفوضى التي تعصف بالدولة الليبية منذ سنوات. وسرعان ما خرجت أصوات تنادي باستعادة هيبة الدولة، وكأنّ ما يجري في رأس جدير له صلة وثيقة بهذا المفهوم.
لكن الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك. فما شهدناه في المعبر ليس صراعًا بين الدولة والمليشيات، بل صراع داخلي بين جماعات مسلحة تنازع على السيطرة على منفذ استراتيجي يُدر عليهم أرباحًا طائلة تُقدر بمئات الملايين من الدينارات.
لا يمكننا تحديد بوضوح أين يقف الطرف “الرسمي” في هذه المعادلة، فكل مرافق الدولة باتت خاضعة لسيطرة المليشيات. لقد فشلت الدولة الليبية في فرض سيطرتها وتحولت إلى نموذج فاقع لدولة النزاع المسلح، حيث تتوزع سلطة السلاح بين الجماعات المسلحة التي تُحكم البلاد، حتى أن الحكومة الرسمية نفسها تُضطر للعمل من خلال المليشيات.
مجتمع دولي مُنافق
يُمارس المجتمع الدولي والبعثة الأممية في ليبيا نفاقًا سياسيًا واضحًا. فهم يُدركون تمامًا كيفية التعامل مع أزمة السلاح المنفلت، لكنهم لا يرغبون في إحداث أي تغيير في الوضع القائم.
حلول واقعية لمشكلة السلاح:
إنّ نزع السلاح في ليبيا يتطلب خطوات مُحددة وأصولًا لا يمكن تجاهلها. فمجلس الأمن لديه أدواته لإنجاز هذه المهمة، سواء من خلال قرار أو تعيين بعثة أمنية يُشرف عليها جنرال بقبعة زرقاء يتمتع بسلطة كافية للسيطرة على السلاح المنفلت.
يُمكن لهذا الجنرال أن يجتمع مع “أمراء الحرب” في ليبيا ويجبرهم على توقيع اتفاق سلام يُرضي جميع الأطراف، تمامًا كما حدث في مؤتمر الطائف بين أمراء الحرب في لبنان.
لا فائدة من تكرار نفس الأخطاء:
إنّ اللجوء إلى تكالة أو عقيلة أو الدبيبة لن يُجدي نفعًا، فهم عاجزون عن صناعة السلام في ظل سيطرة المليشيات على الأرض.